جميع المآوي التي تشكل مخيم جدعه ٥ في محافظة نينوى العراقية لها نفس التصميم. و الخيم كلها مصنوعة من إطار معدني ذات غطاء داخلي وغطاء عازل، كذلك غطاء خارجي وأبواب أمامية وخلفية. حيث توضع أكياس الرمل حول القواعد الأساسية الخارجية، لتثبيت القماش المشمع والحفاظ على الهياكل في مكانها. م
لا تزال هذه الخيم المتواضعة في مخيم جدعه ١ وجدعه ٥ (أقسام منفصلة لنفس المخيم) ملاذاً لـ ٢٠ الف نازح داخليًا. فهناك ما يقدر بنحو ١.٤ مليون نازح في جميع أنحاء العراق، يعيش ٢٤ في المائة منهم في المخيمات. ء
تضم خيمة شيفا عبد الله في جدعه ٥ ثمانية أشخاص. تعيش شيفا مع زوجها وبناتها الستة في هذا المخيم منذ نزوحهم من الموصل في عام ٢٠١٧.
أثناء مقابلة شيفا (٣٥ عاماً) في عام ٢٠١٩، كان هناك تسرب من سقف خيمتها، وبهذا الصدد قالت: "عندما جئنا إلى المخيم، كانت الخيمة في حالة سيئة. لقد طلبنا المساعدة عدة مرات، ولكن لم نحصل عليها قط ".
هناك حاجة ماسة لإصلاح أو استبدال العديد من الخيام التي شيدت من قبل الحكومة العراقية في عام ٢٠١٦ في المخيم، لكن نقص الموارد الأساسية جعل من الصعب تلبية هذه الاحتياجات. فمن خلال الصندوق الإنساني العراقي، وهو صندوق مشترك على أساس قطري بقيادة منسق الشؤون الإنسانية ويتم إدارته من قِبل مكتب الأمم المتحدة للتنسيق والشؤون الإنسانية، تلقت المنظمة الدولية للهجرة في عام ٢٠١٩ منحة من أجل استبدال جميع الخيم في مخيمات جدعه بعد أن تجاوزت المدة المتوقعة لإستخدامها واصبحت غير صالحة للاستعمال على الاطلاق. ء
كانت أولوية المشروع هي استبدال الأغطية الناعمة للخيم، مع إعادة استخدام الإطارات المعدنية الأصلية وإضافة أكياس رمل جديدة حول القواعد الخارجية لمنع مياه الأمطار من دخول الخيم خلال موسم الأمطار. وكان الهدف الآخر هو إشراك سكان المخيمات قدر الإمكان من خلال مشروع النقد مقابل العمل الذي صمم خصيصاً لتوفير فرص العمل.
وبدءًا من تشرين الأول ٢٠١٩، قامت فرق من العمال بتفكيك جميع أجزاء الخيم واستبدالها، من خلال المناوبة بين الفرق لمدة أسبوعين (ستة أيام من العمل لكل فرقة). تم وضع هذا الجدول الزمني لإدراج أكبر عدد ممكن من الأسر في المشروع.
"تمكنت أنا وابنتي من العمل لبضعة أيام، فقد ساعدنا ذلك كثيرا"، هذا ما قالته إيمان عبد الله، ٤٣ عاماً، تعيش هي أيضا في مخيم جدعه ٥، وهي المعيلة لأسرتها ولديها ابنة أرملة. أكملت إيمان حديثها بخصوص خيارات التوظيف المحدودة للنساء في هكذا ظروف قائلة، "النساء وخاصة الأرامل ليس لديهن الكثير من فرص العمل سوى الخياطة التي لا تدر دخلاً كافياً." ء
حيث تهدف المنظمة الدولية للهجرة في العراق إلى إشراك عدد كبير من النساء في المشروع، من أجل العمل جنباً إلى جنب مع الرجال والحصول على أجور عادلة ومتساوية لتلبية احتياجات أسرهم. وبما أن جميع البرامج يجب أن تكون مستجيبة للنوع الاجتماعي (نوع الجنس)، استضافت مهندسات من برنامج إدارة المخيم والمأوى التابع للمنظمة الدولية للهجرة في العراق مناقشات جماعية مركزة للنساء في مخيم جدعه ٥ في نیسان ٢٠١٩، لفهم احتياجاتهن بشكل أفضل. ومن بين أمور أخرى سُئل عنها المشاركات، عما إذا يودن العمل وكذلك عن أنواع العمل الذي يرغبن في القيام به. ومن خلال المناقشات، تبين أيضًا أن النساء في السابق كنّ يكافحن كثيراً من أجل العثور على العمل، لأنه لم يكن هناك أحد من يهتم بهن ويسألهن عما إذا كان لديهن الاستعداد أو القدرة على القيام بمهام معينة. ء
يعتبر بناء قدرات ومرونة النساء والفتيات والرجال والصبيان هو جزء أساسي لأي نوع من أنواع الإستجابة الإنسانية. حيث أعطت المنظمة الدولية للهجرة في العراق الأولوية لمشاركة المرأة، وأتاح مشروع النقد مقابل العمل الفرصة للنساء لتعلم مهارات جديدة مع كسب المال لتلبية احتياجات أسرهن. ء
وبهذا الصدد قالت إيمان، "لقد تعلمنا كيفية تفكيك الخيم وتركيبها بمفردنا، وباستخدام المواد الصحيحة يمكننا القيام بذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر". وأكملت حديثها قائلة، "لقد عامَلنا مدير المشروع بشكل لائق، وكانت الأجور جيدة وخيمنا أصبحت أكثر راحة الآن."
كما سُئلن المشاركات خلال المناقشات الجماعية، عما إذا كنّ يشعرن بالراحة بالعمل إلى جانب الرجال. ففي سياقات عديدة، يُنظر إلى وظائف البناء على أنها "عمل خاص بالرجال" وقد يتم استبعاد النساء من هذا النوع من العمل لأسباب متعلقة بالمجتمع. ء
وبهذا الصدد عبرت شيفا عن رأيها بخصوص وظائف البناء قائلة، "بعض النساء لم يشاركن في هذا المشروع بسبب شعورهن بالحرج من هذا العمل، على أساس أن هذا العمل ليس للنساء. كما أن هناك بعض الأسر لا تسمح للنساء بالعمل. لكن أنا و زوجي شاركنا في هذا المشروع وكنا مرتاحين بالعمل معاً، ونفس الحال بالنسبة لباقي النساء والرجال المشاركين الذين كانوا يشعرون بالراحة في العمل جنباً إلى جنب".
وأضافت: "لقد قمنا بذلك معًا كأخوة وأخوات، حيث تعلمت الكثير من هذه التجربة".
بالنسبة للنازحين في مخيمات جدعه، لا تزال هناك احتياجات كثيرة يجب تلبيتها، وخاصة الاحتياجات المالية التي تأتي في المقام الأول. أفادت شيفا وإيمان والعديد من النساء الأخريات اللواتي حضرن نقاشًا جماعيًا للمتابعة في أوائل اذار ٢٠٢٠، أن المال الذي حصلن عليه من خلال نشاط إصلاح الخيام، ساعدهن كثيراً على دعم أسرهن ولذلك يأملن في أن يتم توفير مثل هذه المبادرات مرة أخرى. كما ساهمت هذه الأنشطة في قبول مجتمعاتهم للنساء على قدم المساواة والمعيشة في حد ذاته، مع تعزيز الثقة بالنفس لدى النساء.
أفاد المشاركون أنه كان هناك الكثير من التضامن بين الفرق، مثلاً إذا لم تتمكن امرأة مسنة من أداء مهام معينة، فكان الجميع يأتي لمساعدتها. وإذا شعر أحد الفرق بالتعب من مهام اليوم، فكان يتدخل فريق آخر بسرعة ليحل محله.
وختمت إيمان قائلة، "لقد التقينا بالكثير من الناس من خلال هذا النشاط وكونا صداقات جديدة. أي عمل ستقدمه المنظمة الدولية للهجرة في المستقبل، سنتعلم كيفية القيام به."